التحول الرقمي والإدماج

تحمل عملية تشجيع النفاذ إلى الإنترنت لكافة فئات المجتمع، وبشكل خاص النساء، أهمية كبيرة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية. ويسهم تشجيع النساء على استخدام الإنترنت، سواء في المناطق الحضرية أم الريفية، في تحقيق المساواة ويتيح لهن الوصول إلى المعرفة والفرص بشكل متساوٍ، ويقلل من الفجوة الرقمية بين الجنسين وبين الحضر والريف. كما يفتح النفاذ إلى الإنترنت أمام النساء فرصاً جديدة للتعلُّم عن بُعد وتطوير مهاراتهن، ويمكن أن يسهم ذلك في تعزيز التعليم وتحسين الفرص الوظيفية. وبالإضافة إلى ذلك، يسهم النفاذ إلى الإنترنت في تمكين النساء في المناطق النائية والريفية، حيث يمكنهن الاستفادة من خدمات الصحة والتعليم عبر الإنترنت والمشاركة في المحتوى الرقمي. وبشكل عام، يُعَدُّ تشجيع النفاذ إلى الإنترنت لدى النساء جزءاً أساسياً من تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي، ويعزِّز دور المرأة في بناء مجتمع أكثر تقدماً وشمولاً.

يحمل تعزيز النفاذية الرقمية للأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية أهمية كبيرة في تحقيق التكافل الاجتماعي وضمان شمول الخدمات الإلكترونية جميع فئات المجتمع، مما يسهم في توفير نفس الفرص للوصول إلى الخدمات الإلكترونية لكل فرد، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة.

ويتيح الوصول إلى الخدمات الإلكترونية للأشخاص ذوي الإعاقة تحسين جودة حياتهم عبر تيسير وصولهم إلى المعلومات والخدمات الأساسية بشكل أكثر فعالية، مما يمكنهم من استخدام التعليم عن بُعد دون الحاجة إلى الانتقال الجسدي، كما ويسهم في تحسين فرص العمل والتفاعل مع مجتمع المعلومات والمعرفة وضمان المساواة.

يكتسب تمكين النشء من الاستخدام الأمثل للإنترنت أهمية بالغة، خاصةً في ظل التحول الرقمي المتسارع. ويتطلب ذلك تطوير وتوفير برامج توعوية شاملة تحقق توازناً بين الاستخدام الفعّال والآمن للإنترنت. يشمل ذلك التركيز على التحديات المحتملة وكيفية التصدي لها، بالإضافة إلى دمج مفاهيم الاستخدام الآمن للإنترنت في المناهج التعليمية للمدارس. كما يجب العمل على ضمان السلامة الرقمية لجميع المستخدمين من خلال تعزيز الفهم الكامل لقضايا الخصوصية والأمان على الإنترنت. 

يحمل تعزيز وتحسين النفاذ إلى الإنترنت أهمية بالغة وخاصة للمدارس والمراكز الصحية والمجتمعية في المناطق الريفية والنائية، حيث يسهم النفاذ إلى المحتوى الرقمي في تحسين جودة الحياة وضمان تكافؤ الفرص وتعزيز التنمية المستدامة. وفي سياق نفاذ المدارس إلى الإنترنت، يمكن أن يسهم النفاذ السهل إلى الإنترنت في تعزيز جودة التعليم من خلال توفير مصادر تعليمية رديفة وتمكين الطلاب من الوصول إلى العلوم والمعارف بفعالية. أما في ما يتعلق بالمراكز الصحية، يساعد النفاذ إلى الإنترنت في تحسين خدمات الرعاية الصحية وتوفير معلومات طبية حيوية وخاصة في المناطق الريفية والنائية. ويجب إيلاء الدعم لشبكات التعليم والبحث العلمي في الدول العربية من خلال تحسين بنيتها التحتية التكنولوجية وتيسير التوصيلية لها بتكاليف مقبولة لضمان توفير خدمات متقدّمة ومحتوى متنوّع يعزِّز التعليم في هذه المناطق، وهو جانب حيوي في بناء مجتمعات قوية ومستدامة.

يجب أن يمتلك جميع أفراد المجتمع، حسب إمكاناتهم واحتياجاتهم، المهارات اللازمة للاستفادة بشكل كامل من مجتمع المعلومات. ولذلك، فإن بناء القدرات المجتمعية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مسألة تدخل في صلب مسار التنمية الشاملة والمستدامة. ويمكن الحديث عن جملة من الإسهامات التي يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تقدّم في هذا الإطار، وأهمها:

• تحقيق التعليم للجميع من خلال تقديم خدمات التعليم وتدريب المعلمين، لا سيما التعليم المهني والعالي في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
• توفير ظروف محسّنة للتعلُّم مدى الحياة، بحيث يمكن توظيف التقنيات الرقمية لتلبية احتياجات كلٍّ من الرجال والنساء في مراحل متقدّمة من العمر، وتمكين الأفراد الذين لم تشملهم عملية التعليم الرسمي من تحسين مهاراتهم المهنية بصورة تواكب متطلبات السوق في الزمن الراهن.
• تعزيز المشاركة في الحياة الاجتماعية والمشاركة السياسية والتماسك الاجتماعي، وذلك عبر مختلف منصات التواصل الرقمي الاجتماعية والمهنية والأكاديمية والإعلامية وغيرها.

تشمل الحكومة الإلكترونية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الإدارة العامة للمؤسسات الحكومية لتسهيل وتسريع العمل بين المؤسسات ومع المواطن (مثل الأتمتة الإدارية، أتمتة المعالجة الجمركية، أتمتة نظم إدارة الضرائب والإيرادات، رقمنة المعلومات، التعامل عن بعد مع جميع المواطنين).

يحمل التطوير المتكامل للبنى التحتية للحكومة الإلكترونية وخدماتها أهمية بالغة في المنطقة العربية، حيث يسهم في تحسين كفاءة الإدارة الحكومية وتيسير تقديم الخدمات التفاعلية للمواطنين. ويتطلب ذلك إقامة نظم متكاملة للحكومة الإلكترونية تشمل مختلف القطاعات والوزارات، مع تعزيز التشغيل البيني بين هذه الأنظمة. ويجب أيضًا وضع التشريعات والنواظم التي تدعم فتح البيانات وتبادلها بين الحكومات، مما يعزز شفافية العمل الحكومي ويعمل على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

ويمكن الارتقاء بالخدمات الحكومية في المنطقة من خلال تطوير خدمات إلكترونية مشتركة بين الدول العربية، مما يسهم في توحيد الجهود وتحقيق التعاون الإقليمي. 

يعزز رفع كفاءة وجودة البنية التحتية المستخدمة في تقديم خدمات الحكومة الإلكترونية من قدرتها على تلبية احتياجات وتطلعات المستخدمين بشكل شامل من خلال تحسين إداء العمليات الحكومية الرقمية وضمان فعاليتها. إن الاستثمار في بنية تحتية متطورة يسهم في تعزيز مستوى الأمان والحماية لضمان سرية وسلامة المعلومات، ويمكن أن يقلل من التكاليف العامة لتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية عبر زيادة الكفاءة والاستدامة. كما يمكّن ذلك من تحفيز الابتكار في تقديم خدمات حكومية جديدة ومتطورة تلبي الاحتياجات المتزايدة للمستخدمين. ويساعد وجود بنية تحتية قوية الحكومة على الاستمرار في تقديم خدماتها الرقمية في أصعب الظروف أو حالات الطوارئ: وتساهم في تحقيق الشفافية وزيادة مستوى المساءلة.

كما هو الحال في سائر تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فإنّه يمكن توظيف هذه القدرات في مجال تعزيز القطاع الصحي وأتمتَة العديد من الإجراءات المتّصلة به أو البيانات التي تُساهم في تعزيز استجابته للتحديات الصحية. وتتأكد الحاجة إلى هذا الأمر في ضوء النتائج التي خلّفتها جائحة كوفيد-19. وحين الحديث عن مفهوم الصحة الإلكترونية، فإنّه يُنظر إلى توفّر جملةٍ من العوامل على مستوى الدولة، وأهمها:

• مدى توفر إمكانية الوصول إلى المعارف الطبية العالمية وموارد المحتوى ذات الصلة.
• تحديد البرامج الوطنية التي تعالج "الصحة الجنسية والإنجابية"، وتستهدف كلّاً من الرجال والنساء.
• تحديد البرامج الوطنية المعتمَدة لمكافحة الأوبئة بما فيها الملاريا وكوفيد-19.
• استخدام التطبيب عن بُعد للمناطق المحرومة من الخدمات والسكان المعرضين للخطر.
• مدى نضج وتطبيق نُظُم معلومات الرعاية الصحية التالية، وأهمها إدارة رعاية المرضى، وحفظ السجلات الرقمية، وإدارة المستحضرات الصيدلانية، وقواعد بيانات الرعاية الصحية الوطنية.
• مدى استخدام نُظُم المعلومات القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لرصد الأمراض المعدية ومراقبة انتشارها.